أدلّة انهيار التطوّر من علم الأحياء (2) التصميم الفريد في الطبيعة
ذكر جورج غالوب – الذي ينسب إليه استطلاعات الرأي المعروفة - في إحدى المرّات أنه يمكن إثبات وجود الله إحصائيًا، وذلك بقوله: "خذ مثلًا جسم الإنسان فقط – احتمال وجود كل وظائف الفرد معًا بالصدفة احتمالٌ ضئيلٌ جدًّا" [Evolution on Trial: 103]. لا يسمح لنا الوقت ولا حجم الكتاب بمجرّد لمس سطح الأسرار العجيبة لجسم الإنسان، لكننا سنبدأ دراستنا للتصميم الفريد عن طريق التركيز قليلًا على عضو واحد صغير ومذهل وهو العين البشرية.
العين البشرية
يواجه التطوّريون صعوبة كبيرةً في تفسير التطوّر الصدفي التدريجي للعين البشرية، فهي تتمتّع بتعقيد مميّز ومذهل، فهي مُجهزة بنظام تصويبٍ تلقائي، وتبئيرٍ (تركيز للصورة) تلقائي، وضبط الفتحة تلقائيًا، وهي مجهّزة لانتقال الرؤية من الظلام الحالك إلى نور الشمس، ورصد جسم بسمك الشعرة الرفيعة، والقيام بـ 100.000 حركة منفصلة وسطيًا في اليوم، وتقدّم لنا سلسلة متّصلة من الصور الملوّنة، وكل ذلك تقدّمه بغير شكوى، ثم عندما ننام، تقوم بأعمال الصيانة لنفسها.
فالعين البشرية معقّدة جدًّا ومتطوّرة لدرجة أن العلماء لم يفهموا بعد كيفية عملها بالكامل. من الصعب فهم كيف يعتقد التطوّريون بصدق تكوّن العين بخطوات تدريجية، بعملية التجربة والخطأ التطوّرية، عند النظر إلى البناء المدهش والوجود المتزامن المعقّد جدًّا للبنى والآليات المعقّدة التي تعمل معًا لإتمام بصر الإنسان.
يُفهم الأمر أكثر عند معرفة أن العين لا فائدة منها إلا إذا اكتملت جميع مكوّناتها معًا، فإما أن تعمل وظائفها معًا أو لن تحصل على شيء، وعلى هذا ففرضية تطوّر العين البشرية غريبة وغير منطقية. حتى تشارلز داروين عرف مدى صعوبة تقبل فكرة تطور العين بالطفرات والانتقاء الطبيعي:
"عند افتراض تَكَوُّن العين عن طريق الانتقاء الطبيعي، بكلّ ما فيها من أجهزة فذّة من أجل ضبط الطول البؤري للمسافات المختلفة، والسماح بدخول كمّيات مختلفة من الضوء، وتعديل الزيغ الكروي واللوني، فإن ذلك يبدو، وأنا أعترف بذلك، أمرًا منافيًا للعقل ... الاعتقاد بتكوّن عضو كامل مثل كمال العين بالانتقاء الطبيعي أمرٌ كافٍ جدًّا لإرباك أي أحد" [On the Origin of Species: 167]
لكن استمرّ داروين، وبسذاجة مذهلة، في المجادلة في كتاباته بصحة تطوّر العين التدريجي. إلا أنه ليس هناك مفرّ من وجوب توفّر عددٍ من العوامل المواتية، والمتكاملة، في وقت واحد للطفرات لضبط وإنتاج جهاز مثل العين. وقد حسب أر أس ويسونغ (R.S. Wysong) – عالم الأحياء والكيمياء وحامل شهادة الدكتوراه في البيطرة والطبّ - الاحتمالية الرياضية النظرية لتشكيل العين صدفة فبلغ 1 من 10 أس 266 [The Creation-Evolution Controversy: 308] رغم تساهله المفرط مع التطوّريين.
يزداد تعقيد مشاكل التطوّر في أنه لا يواجه فرصة تكون العين مرة واحدة وإنما تكرارها أكثر من مرة، ويُعلّق فرانك بي سالزبيري (Frank B. Salisbury) – بروفسور فيزيولوجيا النبات الأمريكي - على هذا الاحتمال المشكوك فيه قائلًا:
"يتركّز شكّي الأخير فيما يُعرف بالتطوّر المتوازي (Parallel evolution) ... والذي يزعم أن شيئًا هائل التعقيد مثل العين قد ظهر عدة مرات ... مثلًا في الحبار، والفقاريات، والمفصليات، حيث كان من الصعب جدًّا حساب كيفية ظهورها مرة واحدة. أما التفكير في إنتاجها عدة مرّات فيصيبني بالدوار".
[Doubts about the Modern Synthetic Theory of Evolution. American Biology Teacher, September 1971, pp. 336 - 338].
إذًا بات الاستنتاج الذي لا مفرّ منه الآن واضحًا تمامًا. فلم يحدث تطوّر للعين وإنما خلقها الله منذ البداية في شكل كامل ورائع. يقول ستورميوس (Sturmius) في كلمات حكيمة: "التفكّر بالعين علاجٌ للإلحاد" [The Facts of Life: 163].
عين ثلاثيات فصوص:
على الرغم من انقراض ثلاثيات الفصوص إلا أنها تدلّنا اليوم على تصميم مبتكر وغائية واضحة. فخلافًا لعدسة العين البشرية، والتي تتألّف من أعضاء حية، وأنسجة عضوية، تتألّف عيون ثلاثيات الفصوص من كالسيت (Calcite) غير عضوي
ونتيجة لذلك، فقد تبقّت الكثير من عدسات ثلاثيات الفصوص في السجل الحفري مما مكّن العلماء من دراستها، وكان ما اكتشفوه أمرًا مثيرًا للإعجاب حقًّا.
فعلى عكس العين البشرية التي تتكوّن من عدسة واحدة، لعيون ثلاثيات الفصوص عدسات مزدوجة ذات تصميم خاص جدًّا. وفي كل عين 100 إلى 15.000 عدسة، على حسب النويعات. يسمح هذا التصميم الخاص لثلاثيات الفصوص بالرؤية تحت الماء بوضوح تام، ومن غير انحراف. متضمّنة بذلك معرفة قانون جيب زاوية أبا (حالة خاصة يجب توفّرها في العدسة أو أي وسائل بصرية أخرى لإعطاء صورة واضحة وحادة)، ومبدأ فيرما (مبدأ خاص بانتشار أشعة الضوء في خطوط مستقيمة)، ومبادئ أخرى عديدة في علم البصريات متأصّلة في تصميم هذه العدسات.
[The Collapse of Evolution: 24 - 27] للدكتور سكوت هيوس – الكاتب الأمريكي المختصّ بنقد نظرية التطوّر -.