مراجعة كتاب: الإلحاد – وثوقية التوهّم وخواء العدم -
اسم الكتاب: الإلحاد – وثوقية التوهّم وخواء العدم -.
اسم المؤلّف: الدكتور حسام الدين حامد.
نوع الكتاب: كتاب علمي وأدبي، متوسّط الحجم.
دار النشر: مركز نماء للبحوث والدراسات.
عدد صفحات الكتاب: 304 صفحة.
التعريف بموضوع الكتاب:
قال المؤلّف الدكتور حسام الدين حامد عن موضوع كتابه: "إنّ الكلمة الصادقة تستمدّ روحها قبسًا من نفس صاحبها، فيغدو الشبه بينهما كشبه الأبناء بالآباء، ولقد قام هذا الكتاب عندي كالبرهان المستقلّ على هذه الحقيقة، فإنّي أصدقكم القول أنّي بذلت وسعي أن أستودع هذا الكتاب صيحة نذير، فغلبتني عليه شفقة الناصح، واجتهدت أن أبثّه نبرة الساخر من عبثية الإلحاد، فَسَرَت فيه روح الحريص على دعوة الملحدين، ولم تغن كلمات حاولت وصعها هنا أو هناك شيئًا، وكيف تغني والرزء في هؤلاء شديد، قوم اختلت المعايير عندهم، فتاهت في الواضحات عقولهم، يحسبون أنهم يحسنون صنعًا، ولا يفيقون حتى يروا العذاب الأليم؟!
ولو قيل لي اجمع الإلحاد في كلمة واحدة، لا يجاوز وصفه رسمها، ولا تندّ حقيقته عن حرفها، لقلت ((التوهّم))! ولو تمثّل ((العدم)) غرضًا يطلب، وأملًا يرتجى تحصيله، لكان العدم هو غاية الملحد من هذه الحياة، ينطلقون من وهم معدوم، ويطمعون في عدم متوهّم، وإنّي لأخاطب فيهم بهذا الكتاب لحظة، لحظةً يخلو فيها المرء بنفسه، متخليًا عن شهوات النفس ونزغاتها، مستدعيًا ميزان القسط، منتهجًا الإنصاف، متخلقًا بالعدل، لا يجرّمنه شنآن قوم على أن يظلم.. فتغدو تلك اللحظة ميلاد إنسان آخر، وكم ميّت خرج من ثناياه حيّ!
وقد قسّمت هذا الكتاب قسمين، يتناول القسم الأوّل منه موقف الإلحاد من الطبيعة والعلم الطبيعي، ذلك الموقف الذي يعدّه الملحد دستورًا لإلحاده، وفرقانًا يعرّف به عن حاله، أبيّن في هذا القسم تناقض الملحد في علاقته بالطبيعة، والعداء الذي بينه وبينها وإن زعم أنها أمه، وقد وقع ذلك في أربع مقالات، تبدأ يمقال ((أمّنا الطبيعة.. أليس كذلك؟!)) وتنتهي بمقال ((أفتني!))، ثمّ أعقب بنقض موقف الملحد من العلم الطبيعي في اثنتي عشرة مقالة، نقضًا مصحوبًا ببيان طريقة العلم الطبيعي، متبوعًا ببيان أنّ علاقة الملحد بالعلم الطبيعي علاقة نفسية روحانية، وليست علاقة علمية كما يدّعي ويزعم!
والأفكار الرئيسة التي تناولت نقضها في علاقة الملحد بالعلم الطبيعي تتلخّص في بيان اشتمال العلم الطبيعي على الغيبيات والمسلّمات والقضايا الفلسفية على عكس ما يتوهّمه الملحد وسمّيه ((التوهّم!))، ثمّ بيان الدور الذي يلعبه العنصر البشري في طريقة العلم الطبيعي وسمّيته ((ثقة غير متبادلة!!))، يعقب ذلك مقال عن معنى الإجماع في العلم الطبيعي ومباحثه، وحجّيته وكيفية الوقوف عليه والفرق بينه وبين الإجماع في الشرع، وسمّيت هذا المقال ((وأجمعوا..!))، يتلو ذلك مقال يبيّن القصور الذاتي الملازم للعلم الطبيعي وعدم كفايته وسمّيته ((قاصر..!))، ثمّ مقال عن معنى النظرية العلمية وقيمتها وصفاتها مع تطبيقات على بعض النظريات التي يكثر الملحدون من الاستدلال بها وسمّيته ((نظرية..!))، وآخر الأفكار كانت بخصوص الفرق بين العلم الطبيعي والمذهب الطبيعي المادي، والفرق بين دائرة الدين ودائرة العلم الطبيعي، وحقيقة العلاقة بين هاتين الدائرتين، وقواعد درء التعارض بين النصوص الشرعية والعلم الطبيعي، مع تطبيق على الأمثلة المشتهرة على ألسنة الملحدين، وسمّيته ((الدائرتان))! ويعقب كلّ مقال من المقالات الستّة مقال يتناول العلاقة النفسية بين الملحد والعلم الطبيعي، ((الخندق!)) بعد ((التوهّم))، و((بمكيالين!)) بعد ((ثقة غير متبادلة!))، و((نفس خائنة..!)) بعد ((وأجمعوا..!)) و((تناقض!)) بعد ((قاصر!)) و((علاقة عاطفية..!)) بعد ((نظرية!))، و((علم بلا عمل!)) بعد ((الدائرتان!)).
أما القسم الثاني من الكتاب فهو يعرض موقف الإلحاد من الموت والانتحار، والمعنى من الوجود والغاية من الحياة، يتناول البؤس الذي ينبغي أن يملأ حياة الملحد، والخواء الذي يستشعره في شأنه كلّه، والموت الذي يجب أن ينغص عليه الالتذاذ بحياته، والانتحار المستساغ في فلسفة إلحاده، وقد وقع ذلك القسم في أربع عشرة مقالة، وطريقتي في هذه المقالات أنّها أزواج، مقالة يطغى عليها الأسلوب العلمي يكثر فيها التقرير والاستشهاد، وتعقبها مقالة يغلبها الطابع الأدبي، وكذلك في المقالات التي تتناول الموقف من الطبيعة والعلم الطبيعي، أبدأ بمقالة يكثر فيها التفصيل والتقريروالاستشهاد وبيان طريقة العلم الطبيعي ونقض موقف الملحد منها، ثمّ أثنّي بقمالة تشبه مقالات الأدباء في تناول العلاقة النفسية بين الملحد والعلم الطبيعي.
وغايتي من عرض الكتاب على هذه الصورة الجديدة الغريبة، بمقالة يطغى عليها الأسلوب العلمي ثمّ مقالة يغلبها الطابع الأدبي.. وهكذا، غايتي أن أدخل على نفس القارئ من كلّ باب، وأن نطوف سويًا نطرق سبيل العقل تارة وندقّ باب القلب تارة، وغايتي أن يكون الكتاب مناسبًا لباحث وملحد ومتشكّك وطالب لليقين، وغايتي أن أبذل وسعي عسى أن يتقبّله الله تعالى فينفع به سائلًا، ويرشد به حائرًا، ويدلّ به عليه! والله أسأل أن يكتب له القبول في الأرض، وأن يجعله خالصًا وصوابًا!
تقييم الكتاب:
هذا الكتاب من الكنوز المعاصرة في المكتبة النقدية للإلحاد. وكما ذكر المؤلّف فإنّ هذا الكتاب مشتمل على مقالات كثيرة، بعضها علمية وبعضها أدبية. أما المقالات العلمية فهي في الغالب قوّية جدًّا، وأمّا المقالات فهي دون ذلك.
المؤلّف طبيب وباحث علمي ولديه أبحاث علمية طبّية نشرت مجلّات عالمية، فلديه خبرة جيّدة في قضايا علمية، فهذا هو مجال تخصّصه. وأغلب المباحث الجيّدة في الكتاب عن قضايا علمية مثل: موقف الملاحدة منها وعدم تعارضها مع الإسلام.
ومن فوائد الكتاب: كثرة استشهاد المؤلف بنقول مفيدة وجيّدة يحتاج إليها المتخصّص في نقد الإلحاد، وقد يتأثّر بها المتشكّك.
كما أنّ المؤلّف يكتب بلغة راقية وجميلة ومؤثّرة، وإن كان قد يصعب فهمها على غير المثقّف.
ولهذا أنصح المتخصّصين في قضايا نقد الإلحاد باقتناء هذا الكتاب، كما أنّي أنصح بإهداء هذا الكتاب للمتشكّكين المثقّقين، لعلّ الله أن ينفعهم بها. أمّا المتشكّك غير المثقّف فقد لا يستفيد من الكتاب لعمقه ولصعوبة اللغة فيه.
فجزى الله المؤلّف خيرًا وبارك في جهده. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم.
كتبه: جوهانس كلومنك (عبد الله السويدي) – الباحث في يقين لنقد الإلحاد واللادينية -.