مراجعة كتاب: الأدلة العقلية النقلية على أصول الاعتقاد
اسم الكتاب:
الأدلة العقلية النقلية على أصول الاعتقاد.
اسم المؤلّف:
الدكتور سعود بن عبد العزيز العريفي.
نوع الكتاب:
رسالة علمية لنيل شهادة الماجستير من جامعة أمّ القرى.
دار النشر:
طُبع الكتاب عدّة مرّات من دور نشر مختلفة مثل: دار عالم الفوائد، وتكوين للدراسات والأبحاث.
عدد صفحات الكتاب:
طبعة دار عالم الفوائد: 620 صفحة، وطبعة تكوين: 567 صفحة.
التعريف بموضوع الكتاب:
كتب المؤلّف في مقدّمة كتابه: "ولما كانت سعادة المرء في الدارين لا تحصل إلا بصحّة إيمانه، ورسوخه في قلبه، ولا يكون ذلك إلا بوضوح الدواعي إليه من الحجج والبراهين، فقد أتمّ الله النعمة ببيان ما يضطر الخلق إلى معرفته، من العلم المفصّل بخالقهم، وبالكون من حولهم، والحكمة من خلقهم، ومنتهى ما يصيرون إليه، وغير لك من أصول الاعتقاد ومسائله، وما يترتّب عليها من الواجبات، وذلك في آياته القولية المشتملة على البراهين القاطعة، والدلائل اليقينية، على سائر ما أتثبتته الرسل، من مسائل وأصول، دعوا إلى اعتقادها، والعمل بمقتضاها، ورتّبوا على ذلك الفلاح والسعادة في الدنيا والآخرة.
وهذا يعني أنه ما من مسألة عقدية أثبتها الشرع، يمكن الاحتجاج لها عقلًا، إلا وقد جاء دليلها العقلي في النقل، علم ذلك من علم، وجهله من جهل، وأن بيان الرسول للاعتقاد غير مقتصر على بيان مسائله، بل هو شامل لتقرير دلائله على أتمّ وجه. فتكميل الله لدينه شامل للمسائل والدلائل، كما أن تبليغ الرسول (صلى الله عليه وسلم) للرسالة شامل للمسائل والدلائل.
وعلى هذا، فالابتداع في باب الدلائل كالابتداع في باب المسائل، سواء بسواء؛ إذ متعقّل الابتداع، الذي هو اتّهام الديانة بالنقص، موجود في هذا الباب. وإذا كان الإحداث في كمالات الديانة مذمومًا منهيًا عنه لهذا الاعتبار، فكيف به في أصولها؟!
ولقد أخطأ كثير من المتكلّمين خطأً فادحًا، وضلّوا ضلالًا مبينًا، حين نظروا إلى نصوص الوحي على أنها دلائل سمعية، لا يصحّ الاحتجاج بها والإفادة منها في تقرير الدلائل إلا بعد إثبات النبوّة، واستقرار أمر الرسالة، وراحوا يستجدون البراهين والحجج لدينهم، من المناهج الفلسفية، والطرق الكلامية، والأقيسة المنطقية.
فقد فتحت هذه النظرة الكلامية الخاطئة إلى نصوص الوحي بابًا عظيمًا للابتداع في الدلائل، ومن ثمّ في المسائل، ما كان له أن يُفتح لو أنهم قدروا الوحي الإلهي حقّ قدره.
ولو أن هؤلاء قصروا هذا الحكم – أعني التوقّف في الاحتجاج بالأدلة السمعية حتى تثبت النبوّة – على ما كان سمعيّ الدلالة من دلائل الوحي، لربّما كان لذلك وجه، ولوجدوا في الأنواع الأخرى من الدلائل النقلية الشرعية ما يغنيهم في باب إثبات النبوّة، ولسلموا وسلمت الأمة من بعدهم، من شرّ كثير من البدع والضلالات.
وقد شارك المتكلّمين في هذا الانحراف بعض المنتسبين إلى السنة والحديث، ولكن من وجه آخر، ذلك حين قصّروا في الاحتجاج العقلي على العقائد، اعتمادًا على أنها أمور ثابتة بالنقل، فلا داعي للحديث العقلي في إثباتها. والذي دفعهم إلى هذا هو موقف المتكلّمين السلبي من النقل، فقابلهم هؤلاء باعتبار الدلائل النقلية حجّة لا تجوز مخالفتها، دون اعتناء بالتمييز بين العقلي والسمعي من وجوه حجيّتها، بحسب حال المحتجّ له والمحتجّ عليه، فأورثهم ذلك ضعفًا في موقفهم، وتسلّطًا للخصم عليهم، وإصرارًا من الطائفة الأولى على منهج الابتداع.
أما منهج السلف فهو وسط بين هؤلاء وأولئك، فهم يتمسّكون بالوحي لا يتجاوزونه، جريًا على منهاج النبوة: (فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراك مستقيم) [الزخرف: 43]. إلا أنهم يعطون النقل حقّه من الدلالة العقلية، فلا يحصرون حجيّته في الجانب السمعي، فكانوا بذلك أسعد الطوائف بالعقل الصريح والنقل الصحيح.
هذا، وإنّي لم أبرح أنظر في كتاب الله، وأتأمّل كثرة ما ورد فيه من مخاطبة العقل، وتوجيهه إلى النظر في الحجج والبراهين، المسوقة لإثبات أصول الإيمان، وأتعجّب مع ذلك من استئثار أهل الأهواء والبدع من الفلاسفة والمتكلّمين ومن شابههم بالاتّصاف بالعقلانية، دون أهل السنة والجماعة؛ وذلك أني ما علمتُ العقل في كتاب الله وفي الفطرة السوية إلا معظّمًا ممدوحًا أهله، مذمومًا فاقده والقاصر فيه، ولم أشكّ لحظة ما في هذه الحقيقة الشرعية الفطرية، فوقع في نفسي أن من التفريط حقًا التنازل عن هذا الوصف من صاحبه الخليق به لمن هو دونه، لمجرّد ردّة فعل قد لا تكون موزونة بالمنهج الشرعي ...
وقد شُغلت بهذه المسألة العظيمة – أعني: غني نصوص الكتاب والسنة بالدلائل العقلية اليقينية على أصول الاعتقاد ومسائله، وكفايتها في هذا الباب، وإغناءها عن الدلائل البدعية – منذ وقفت على نصوص لشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم – رحمهما الله-، تؤكّد أهمية هذا الأمر، وتنبّه إلى ضرورة إدراكه إدراكًا تامًا، وتصوّره بوضوح، لفهم منهج السلف في الاعتقاد على وجهه، ومعرفة حقيقة موقفهم من العقل ودلالاته، فوقع في نفسي أن يكون موضوع رسالتي هو هذه القضية، فاستعنت بالله تعالى، وسجّلت هذا الموضوع بعنوان: الأدلة العقلية النقلية على أصول الاعتقاد".
أبواب وفصول الكتاب:
الكتاب يشتمل على بابين، هما:
الباب الأوّل: الاستدلال العقلي النقلي على أصول الاعتقاد.
وفيه ستّة فصول:
الفصل الأوّل: الدليل العقلي ومكانته الشرعية.
الفصل الثاني: غنى النقل بالأدلة العقلية.
الفصل الثالث: خصائص الأدلة العقلية النقلية.
الفصل الرابع: مسالك الاستدلال العقلي النقلي.
الفصل الخامس: موقف الخلف من الأدلة العقلية النقلية.
الفصل السادس: الاستدلال العقلي بين الإفراط والتفريط.
الباب الثاني: الأدلة العقلية النقلية على أصول الاعتقاد.
وفيه ستّة فصول:
الفصل الأول: أدلة وجود الله.
الفصل الثاني: أدلة توحيد الربوبية.
الفصل الثالث: أدلة الكمال والتنزيه.
الفصل الرابع: أدلة توحيد العبادة.
الفصل الخامس: دلائل النبوة.
الفصل السادس: أدلة البعث والجزاء.
تقييم الكتاب:
نحن نعيش في زمن يعظّم فيه الناس العقل أكثر مما مضى، فنحن بحاجة ماسة إلى مخاطبة الناس بأدلة عقلية صحيحة. وفي الوقت نفسه تغافل بعض المسلمين عن الاستدلال بنصوص الوحيين وغلوا في جانب الاستدلال العقلي. فأتى هذا الكتاب وجمع بين الأمرين بطريقة ممتازة.
فهذا الكتاب فريد في بابه وكثير الفوائد، فيستفيد طالب علم من هذا الكتاب استفادة عظيمة. ومن ضبط محتوى هذا الكتاب ضبطًا جيّدًا فتكون لديه ملكة قوّية في الاستدلال والمناقشة.
والفصل الأوّل من الباب الثاني فصل متميّز في بيان أدلة وجود الله من القرآن والسنة، لا نكاد نجد له مثيلًا في كتب أخرى. وهذا الفصل يهمّ كلّ مشتغل بنقد الإلحاد. ولهذا ينبغي لمن يعمل في هذا المجال أن يقتني هذا الكتاب النافع ويستفيد منه.
كتبه: جوهانس كلومنك (عبد الله السويدي) – الباحث في يقين لنقد الإلحاد واللادينية -.