المقدّمة
الحمد لله، وأصلي وأسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فهذه كلمات تتعلّق بموضوع الدين الإسلامي، وأنه يهدي للتي هي أقوم وأصلح، ويرشد العباد في عقائده وأخلاقه ومعاملاته وتوجيهاته وتأسيساته إلى ما ينفعهم في معاشهم ومعادهم. وبيان أنه لا سبيل إلى إصلاح شيء من أمور الخلق الإصلاح التام إلا به. وبيان أن جميع النظم المخالفة لدين الإسلام لا يستقيم بها دين ولا دنيا إلا إذا استمدّت من تعاليم الدين.
وهذا الذي قلناه قد برهنت المحسوسات والتجارب على صدقه وصحّته كما دلّت الشرائع والفطر والعقول السليمة على حقيقته. فإن الدين كلّه صلاح وإصلاح، وكله دفع للشرور والأضرار، وكلّه يدعو إلى الخير والهدى، ويحذّر من الشرّ وأنواع الردى. وعند عرض بعض النماذج من تعليماته وتوجيهاته يظهر لكلّ عاقل منصف صحّة هذا، وأن الخلق كلهم مضطرون إليه. وأنهم لا يستغنون عنه في حالة من أحوالهم. ذلك بأن الدنيا كلها قد جاشت بمشكلات الحياة، والبشر كلّهم يتخبّطون في دياجير الظلمات: فيهتدون من وجه واحد ويضلون من وجوه أخرى. وقد يستقيم لهم أمر من بعض وجوهه ويقع الانحراف في بقية أنحائه. وهذا ناتج من أحد أمرين: إما جهل بما دلّ عليه الدين وما أرشد إليه. وإما مكابرة وغي، ومقاصد سيئة وأغراض فاسدة، حالت بينهم وبين الصلاح الذي يعرفونه، كما هو الواقع كثيرًا.
لهذا ينبغي أن نذكر بعض مشاكل الحياة المهمة، مثل: مشكلة الدين، ومشكلة العلم، والغنى والفقر، والصحة والمرض، والحرب والسلم، والاجتماع والافتراق، والمحابّ والمكاره. وغير ذلك مما اختلفت فيها أنظار الناس وتوجيهاتهم، وما سلكه الدين الإسلامي فيها من المسالك الصالحة السديدة، وما أولاه نحوها من المنافع التي لا تُعدّ ولا تحصى.
الدين الصحيح يحلّ جميع المشاكل، ضمن مجموع ابن سعدي (2/ 613 – 614).
للعلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله.