{قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ}
{قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ} لما بيّن تعالى من الآيات البّينات، والأدلة الواضحات، الدالة على الحقّ في جميع المطالب والمقاصد، نبّه العباد عليها، وأخبر أن هدايتهم وضدها لأنفسهم، فقال: {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ} أي: آيات تبين الحق، وتجعله للقلب بمنزلة الشمس للأبصار، لما اشتملت عليه من فصاحة اللفظ، وبيانه، ووضوحه، ومطابقته للمعاني الجليلة، والحقائق الجميلة، لأنها صادرة من الربّ، الذي ربّى خلقه، بصنوف نعمه الظاهرة والباطنة، التي من أفضلها وأجلها، تبيين الآيات، وتوضيح المشكلات.
{فَمَنْ أَبْصَرَ} بتلك الآيات، مواقع العبرة، وعمل بمقتضاها {فَلِنَفْسِهِ} فإن الله هو الغني الحميد.
{وَمَنْ عَمِيَ} بأن بُصِّر فلم يتبصّر، وزُجِر فلم ينزجر، وبين له الحق، فما انقاد له ولا تواضع، فإنما عماه مضرته عليه.
{وَمَا أَنَا} أي: الرسول {عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ} أحفظ أعمالكم وأرقبها على الدوام إنما عليَّ البلاغ المبين وقد أديته، وبلغت ما أنزل الله إليَّ، فهذه وظيفتي، وما عدا ذلك فلست موظفا فيه.
[تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (268)].
للعلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله.