المغالطات الصورية
آخر مغالطتين سنعرضهما في هذا الكتاب هما أكثر مغالطتين انتشارًا في المناظرات عن علوم البدايات: تأكيد التالي (confirming the consequent) وإنكار المقدّمdenying the antecedent) ). هاتان المغالطتين صوريتان(Formal) ، لأن الخطأ في الاستدلال يأتي من بنية (صورة) المناظرة. وتعدّ دراسة المغالطات الصورية ومصطلحاتها ذات الصلة جديرة بالعناية، لأن هاتين المغالطتين منتشرتان للغاية – ربما هما أكثر مغالطتين ارتكابًا من قبل أنصار التطوّر.
من الممكن كتابة الحجج الاستنباطية الصورية بتدوين رمزي عبر تمثيل القضايا بأحرف. انظر في المسألة التالية، "إن كانت السماء تثلج، إذنًا يجب أن يكون الطقس باردًا في الخارج".
هذه القضية لها الشكل الأساسي التالي: "إن كان p موجودًا، إذًا q موجود" فأي قضية لها هذا الشكل ("إن كان p، إذًا q") تسمّى "القضية المشروطةhypothetical) (proposition "، هذا، لأنها لا تؤكّد أيًا من p أو q؛ فهي تذكر فقط إن كان p فرضًا صحيحًا، فسيكون qصحيحًا أيضًا. في القضية المشروطة أو الفرضية يسمّى القسم الأوّل (p): الحدث المقدّم ((antecedent، ويسمى القسم الثاني (q): الحدث التالي (consequent). في مثالنا السابق، "إن كانت تثلج" هذا الحدث المقدم، و"إذًا يكون الطقس باردًا في الخارج" هذا الحدث التالي.
إن كانت الحجة مؤلّفة من مقدمتين (Premises)، إحداهما فقط مشروطة، فيسمى عندها "بالقياس الاستثنائي المختلطmixed hypothetical syllogism) )". وإليكم المثال التالي:
في هذه الحجة، تعتبر المقدّمة الأولى مشروطة (إن كان p، إذا q) والمقدمة الثانية غير مشروطة في (p)؛ فهي تؤكد بأن السماء تثلج بالفعل. والنتيجة (conclusion) هي (q)، بما أن المقدّمة الثانية تؤكّد أن (p) (الحدث المقدم) صحيح، فيدعى هذا النمط من الحجج "بتأكيد الحدث المقدّم" وهي حجة صالحة تمامًا. (تذكر أن كلمة "صالح (valid)" تعني إن كانت المقدمات صحيحة، فستكون النتيجة صحيحة أيضًا). يسمّى هذا النمط من الحجج باللاتينية (modus ponens)، وتعني "طريقة التأكيد".
تأكيد التالي (النتيجة) (Affirming the consequent):
توجد مغالطة مشابهة للغاية لطريقة التأكيد (modus ponens) ولها الشكل التالي:
يمكننا ملاحظة أنه في هذه المغالطة حلّ كل من الرمزينp و q مكان الآخر.
لكن من الواضح أن برودة الطقس في الخارج لا تعني بالضرورة أن السماء تثلج. لذلك فهذه الحجة غير صالحة. لكون المقدّمة الثانية تؤكد أن الحدث التالي(q) صحيح، فتسمى هذه المغالطة "بتأكيد التالي". نعرض هنا بعض الأمثلة الشائعة:
لقد فشل التطوّري الذي قدّم هذه الحجة في ملاحظة أن الخلقيين يتوقّعون أيضًا وجود تشابهات في الحمض النووي (DNA) لجميع الكائنات، لأن الأنواع الأصلية قد أنشأها خالق واحد.
لم يعتبر مؤيّد نظرية الانفجار العظيم الأسباب الأخرى لخلفية الأمواج المكروية الكونية، وحجته مثال عن مغالطة تأكيد التالي.
قد يأخذ القياس الاستثنائي المختلط شكلًا آخر كالتالي:
هذه حجة صالحة كما نرى عند استبدال العبارات بالرموز.
بما أن المقدّمة الثانية تنفي أن النتيجة (q) صحيحة، فتسمى هذه المناظرة الصالحة "بإنكار النتيجة أو التالي" أو باللاتينية (modus tollens)، والتي تعني "طريقة الإنكار".
إنكار المقدّمDenying the antecedent) ):
كما مرّ معنا في السابق توجد مناظرة تشبه ظاهريًا طريقة الإنكار ((modus tollens، لكنّها في الواقع مغالطة، وهي على الشكل التالي:
يمكننا رؤية المغالطة عند استبدال العبارات بالرموز:
من الواضح أن الطقس قد يكون باردًا في الخارج مع كون السماء لا تثلج. لذلك فهذه المناظرة غير صالحة، ولأن المقدّمة الثانية تنكر صحة الحدث المقدّم (p)، فتسمّى هذه المغالطة "بإنكار الحدث المقدم". ونعرض هنا بعض الأمثلة: ...
ومرة ثانية نقول هذا إنكار للحدث المقدّم، فالله ليس مفروضًا عليه إحداث معجزة وفق هوى أحد مخلوقاته، كما أن من الأرجح أن الملحد سيقبل وجود معجزة ما على أنها متسقة مع القوانين على أية حال – إذ سيفضل الوثوق بأن الدراسات المستقبلية ستكشف أن هذا الحدث قابل للتفسير بالقانون الطبيعي.
ملخّص
(1) إن كانp، إذًا q (2) p. (3) إذًا .q |
طريقة التأكيد: صالحة modus ponens |
(1) إن كان p، إذًا q. (2) q. (3) إذا p. |
مغالطة تأكيد النتيجة |
(1) إن كان p، إذًا q. (2) ليس q. (3) إذًا ليس p. |
طريقة الإنكار: صالحة modus tollens |
(1) إن كان p، إذًا q. (2) ليس p. (3) إذا ليس q. |
مغالطة إنكار الحدث المقدم. |
الخاتمة
نأمل أن تكون قد استمتعت بهذا العرض العام للمغالطات المنطقية وأن تساعدك المعلومات التي قدّمت في الدفاع عن الإيمان.
A pocket Guide to Logic & Faith (57 – 62).
للدكتور جاسنو ليزلي – عالم الفيزياء الفضائية الأمريكي -.