title3

 banner3333

 

مغالطة النعوت المصادرة على المطلوب

مغالطة النعوت المصادرة على المطلوب

     مغالطة النعوت المصادرة على المطلوب (The Fallacy of the Question-Begging Epithet) إحدى أشهر المغالطات المرتكبة من قبل أنصار التطوّر على الإنترنت، ويمكن اعتبارها نوعًا فرعيًا خاصًا من مغالطة المصادرة على المطلوب (مغالطة الافتراض المسبق لصحة الشيء الذي يسعى الشخص لإثبات صحته). في مغالطة النعوت المصادرة على المطلوب، يستخدم المجادل لغة متحيّزة (غالبًا لغة عاطفية) ليقنع الناس بدلًا من استخدام المنطق. على سبيل المثال، إن قالت المراسلة الصحفية: "هذا المجرم متّهم بالاغتيال العنيف للضحية البريئة".

     فهي تستخدم مغالطة النعوت المصادرة على المطلوب، لأنها استخدمت لغة متحيّزة لتؤكد قضية لم يتمّ إثباتها منطقيًا بعد. وسيكون الكلام أكثر موضوعية لو أنها قالت: "هذا المشتبه به متهم بقتل الشخص الآخر".

     نجد العديد من الأمثلة على هذه المغالطة في بعض مواقع التطوريين - خصوصًا في منتديات الحوار والمدوّنات -. لقد شاهدت أحد الأمثلة حينما كتب أحد أنصار التطور: "لقد أصيب قسمنا في الجامعة بعدوى حشرية من المؤمنين بالخلق".

     إن الكلمة عدوى حشرية مشحونة عاطفية، واستعمالها يعرض الخلقيين بصورة سيئة دون تقديم أي حجة لهذا الكلام. كتب شخص آخر أيضًا: "لكي تكون مؤمنًا بفكرة الخلق عليك تجاهل أطنان من الأدلة العلمية". تعتبر هذه الملاحظة مغالطة من نوع (النعوت المصادرة على المطلوب)، لأنها تستخدم لغة متحيّزة (وليست اللغة المنطقية)، لتوحي بأن الأدلة العلمية تدعم التطوّر. اللغة العاطفية لها استعمالها المقبول، لأن اللغة في نهاية الأمر لها أغراض أخرى غير إقامة الحجة المنطقية؛ فيمكن استخدامها للإخبار والاستفهام والأمر والاستثارة. ولكن يرتكب الناس هذه المغالطة عندما يحاولون استثارة استجابة عاطفية ليقنعوا الآخرين بمسألة على طريقة غير منطقية.

      يعتبر دومًا استخدام الصراخ واللغة السوقية في سياق المناظرة مثال لهذه المغالطة. فكثيرًا ما يلجأ الناس لرفع الصوت تعويضًا عن ضعف الحجة التي يسوقونها. ومما يدعو للسخرية هو أن كثيرًا من مستخدمي السخرية أو الألفاظ السوقية في منتديات النقاش يظنون أن لغتهم المثيرة للمشاعر التي يستعملونها تشكّل حجة جيدة. وبعيدًا عن هذا تشكّل هذه اللغة دليلًا على وجود قصور حاد عندهم في مهارات التفكير النقدي Critical thinking skills.

     قد تكون مغالطة النعوت المصادرة على المطلوب باطنة كذلك. ولنأخذ مثالًا على ذلك، وهو التعبير التالي: "التطور ضد الخلقية Evolution vs. Creationism. ففيه استخدام الصفة المشتقة من فعل الخلق (بالإنكليزية استخدام لاحقة –ism ) دون فعل ذلك مع كلمة التطور.

     يوحي هذا الاستخدام باطنيًا بأن الخلق مجرّد اعتقاد فقط، بينما التطوّر ليس كذلك، دون أن يقدّم أي حجة لإثبات هذا الادعاء.

"يعتقد الخلقيون أن الكون فتيّ، ولكن خيرة العلماء يخبروننا بأن عمره بلايين السنين". من خلال استخدام الصفة "خيرة" لوصف أولئك العلماء الذين يؤمنون بقدم عمر الكون، فقد استخدمت الحجة لغة متحيزة بغرض الإقناع بدلاً من استخدام المنطق، وهنا تكمن المغالطة...

     يوجد مثال آخر شائع لهذه المغالطة عندما يتهم أحدهم خصمه بارتكاب مغالطة منطقية مخالفاً لواقع الأمر، فالاتهام الزائف للخصم بارتكاب مغالطة منطقية بحد ذاته يعتبر مغالطة منطقية، وقد يحصل هذا مثلًا بعد أن يقوم الخلقي بالإشارة القوية والمؤدبة للعديد من المغالطات في الاستدلال عند مناصر التطور، ثم يقدم حجة جيدة تدعم الخلق، فيقوم التطوري بمحاولة لقلب الطاولة بالرد قائلًا: "حسنًا، تلك مغالطة!". ولكنه لم يقدّم أي سبب منطقي يثبت حقًا ارتكاب الخلقي لمغالطة، مما يجعل من زعم التطوري بحد ذاته نعتًا اعتباطيًا للمصادرة على المطلوب.


A pocket Guide to Logic & Faith (25 – 27).

للدكتور جاسنو ليزلي – عالم الفيزياء الفضائية  الأمريكي -.