ثبتت حكمة الله في حكمه وملكه
رأيت في العقل نوع منازعة للتطلّع إلى [معرفة] جميع حكم الحق - عز وجل - في حكمه! فربما لم يتبيّن له بعضها - مثل النقض بعد البناء - فيقف متحيّرًا! وربما انتهز الشيطان تلك الفرصة، فوسوس إليه: أين الحكمة من هذا؟!
فقلت له: احذر أن تخدع يا مسكين! فإنه قد ثبت [عندك] بالدليل القاطع - لما رأيت من إتقان الصنائع - [مبلغ] حكمة الصانع؛ فإن خفي عليك بعض الحِكَم، فلضعف إدراكك.
ثم ما زالت للملوك أسرار، فمن أنت حتى تطلع بضعفك على جميع حكمه؟! يكفيك الجمل! وإيّاك إياك أن تتعرّض لما يخفي عليك، فإنك بعض موضوعاته، وذرة من مصنوعاته، فكيف تتحكم على من صدرت عنه؟!
ثمّ قد ثبتت عندك حكمته في حكمه وملكه، فأعمل آلتك على قدر قوتك في مطالعة ما يمكن من الحكم، فإنه سيورثك الدهش! وغمض عما يخفى عليك، فحقيق بذي البصر الضعيف ألا يقاوي نور الشمس.
[صيد الخاطر: 156] للحافظ ابن الجوزي رحمه الله.