بسم الله الرحمن الرحيم
[من الأدلة على وحدانية الله: الفطرة السوية مضطرةُ إلى الاعتراف بالله]
ومن براهين وحدانية الله : أن العقولَ والفطرَ مضطرةٌ إلى الاعتراف بباريها، وكمالِ قدرته ونفوذ مشيئته، وذلك أن الخلقَ محتاجون ومضطرون إلى جلب المنافع ودفع المضار.
ومن المعلوم لكلِّ عاقلٍ أن حاجة النفوس إلى خالقها وإلـهها أعظمُ من جميعِ الحاجات والضرورات، فهي مضطرةٌ إلى علمها بأنه خالقُها وحده، ومالكُها وحده، ومبقيها وحده، وممدها بمنافعها وحده؛ {{فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا}}، {{ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ}} ([1]). ولم يخرج عن هذي الفطرة إلا من اجتالتهم
الشياطين([2])، وحوَّلتَ فِطَرَهم، وغيّرتها بالعقائدِ الفاسدة، والخيالاتِ الضالة، والآراءِ الخبيثة، والنظرياتِ الخاطئة.
فلو خُلُّوا وفطرَهم؛ لم يميلوا لغير ربهم، منيبين إليه في جلب المنافع ودفع المضار، ومنيبين إليه في التألُّه والتعبُّد والخضوع والانكسار.
(البراهين العقلية على وحدانية الرب ووجوه كماله 28 - 29 للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي).
[1] - تمام الآية: {{فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ}} [الروم: 30].
[2] - اجتالتهم: أي ذهبوا بهم وجالوا.. [شرح النووي]، وفي هذه الجملة
إشارة لحديث عياض بن حمار المجاشعي رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال ذات يوم في خطبته: «ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا: كل مال نحلته عبداً حلال، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطاناً...»، الحديث الطويل في صحيح مسلم ح(2956).