title3

 banner3333

 

الثواب المعجَّل للمحسنين، والعقاب المعجَّل للظالمين

بسم الله الرحمن الرحيم

[من الأدلة على وحدانية الله: الثواب المعجَّل للمحسنين، والعقاب المعجَّل للظالمين]

     ومن براهين وحدانية الله تعالى وكرمه : ما يكرم الله به الواصلين لأرحامهم، المحسنين إلى المضطرين والمحتاجين، وخَلَفُه العاجل لهم نفقاتِهم، وتعويضُه لهم من جوده وكرمه، وفتحُه لهم أسباباً وأبواباً من الرزقِ بسبب ذلك الإحسان؛ الذي له الموقع الطيب.

     وقد علم الخلقُ المتأملون أن سببَ ذلك ([1]): تلك الأعمالُ الصالحة والصلةُ والإحسانُ والمقدماتُ الحسنة؛ ألا يدلنا ذلك أن الله قائمٌ على كل نفس بما كسبت؟ وأن هذا جزاء معجل وثواب حاضر؛ نموذجٌ لثواب الآخرة؟

     وأنواعُ ذلك وأفرادُه لا تدخل تحت الحصر، وقد رأى الناسُ من ذلك عجائب؛ مصداقاً لقوله تعالى: {{وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ}} [سبأ: 39] ، و{{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأََزِيدَنَّكُمْ}} [إبراهيم: 7] ، ولقوله صلّى الله عليه وسلّم: «من أحب أن يُبسط له في رزقه، ويُنسأ له في أجله، فليصل رحمه» متفق
عليه ([2]).

      فكم أحسن الله على المحسنين، وكم أخلفَ نفقاتِ المنفقين، وكم جبر قلوبَ الواصلين لأرحامهم المشفقين.

ونظيرُ هذا البرهانِ : العقوباتُ التي يعجِّلها الله للباغين والقاطعين والظالمين والمجرمين بحسَبِ جرائمهم؛ عقوباتٌ يشاهدها الناسُ رأيَ العين، ويتيقنون أن ذلك جزاءٌ وعقوبةٌ لتلك الجرائم.

      فمن تأمل وسمع الوقائعَ، وأيامَ الله في الخلق، وعَلِم ارتباطها بأسبابها الحسنة والسيئة: عَلِم بذلك وحدانيةَ الله وربوبيتَه وكمالَ عدلِه وسعةَ فضلِه؛ فضلاً عن الاستدلال بها على وجوده، ووجوبِ وجوده.

     فإن كل ما دلَّ على شيء من أوصافه وأفعاله؛ فإنه يتضمن إثباتَ ذاتِه ووجوبَ وجوده.

     وعَلِم استنادَ العوالم العلويةِ والسفليةِ إليه في إيجادها وبقائها وحفظها وإمدادها بكل ما تحتاج إليه.

(البراهين العقلية على وحدانية الرب ووجوه كماله 29 - 31 للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي).


 

[1] - في الأصل: (ذلك سبب) أي بتقديم وتأخير، وما أثبت يستقيم به الكلام على المراد، ويمكن أن يجعل أيضاً: (ذلك سببه) بالضمير، ولكن ما أثبت يلتئم به اللسان، ومال إليه شيخنا عبد الله بن عقيل.

[2] - من حديث أنس؛ رواه البخاري (5986)، ومسلم (2557).