title3

 banner3333

 

{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ}

{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ}

     {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}.

{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ} أي: افترى محمد هذا القرآن؟

     فأجابهم بقوله: {قُلْ} لهم {فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} أنه قد افتراه، فإنه لا فرق بينكم وبينه في الفصاحة والبلاغة، وأنتم الأعداء حقًّا، الحريصون بغاية ما يمكنكم على إبطال دعوته، فإن كنتم صادقين، فأتوا بعشر سور مثله مفتريات.

      {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ} على شيء من ذلكم {فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزلَ بِعِلْمِ اللَّهِ} من عند الله لقيام الدليل والمقتضي، وانتفاء المعارض.

     {وَأَنْ لا إِلَهَ إِلا هُوَ} أي: واعلموا أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ، أي: هو وحده المستحق للألوهية والعبادة، {فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} أي: منقادون لألوهيته، مستسلمون لعبوديته. وفي هذه الآيات إرشاد إلى أنه لا ينبغي للداعي إلى الله أن يصدّه اعتراض المعترضين، ولا قدح القادحين. خصوصًا إذا كان القدح لا مستند له، ولا يقدح فيما دعا إليه، وأنه لا يضيق صدره، بل يطمئن بذلك، ماضيًا على أمره، مقبلًا على شأنه، وأنه لا يجب إجابة اقتراحات المقترحين للأدلة التي يختارونها. بل يكفي إقامة الدليل السالم عن المعارض، على جميع المسائل والمطالب.

     وفيها أن هذا القرآن، معجز بنفسه، لا يقدر أحد من البشر أن يأتي بمثله، ولا بعشر سور من مثله، بل ولا بسورة من مثله، لأن الأعداء البلغاء الفصحاء، تحداهم الله بذلك، فلم يعارضوه، لعلمهم أنهم لا قدرة فيهم على ذلك.

     وفيها: أن مما يطلب فيه العلم، ولا يكفي غلبة الظن، علم القرآن، وعلم التوحيد، لقوله تعالى: {فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لا إِلَهَ إِلا هُوَ}.


 

 [تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (378)]

للعلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله.