title3

 banner3333

 

الحجة الشخصية (الشخصنة)

الحجة الشخصية (الشخصنة)

      تشتق كلمة ad hominem من اللغة اللاتينية وتعني "إلى الرجل". سمّيت المغالطة بهذا الاسم لأنها توجّه الحجة ضد الشخص صاحب الدعوى، بدلًا من مناقشة الدعوى ذاتها. يأمل الناقد أن يقتنع الناس ببساطة بخطأ دعوى ما بناءً على اعتراضات عن الشخص الذي يقدّم الدعوى. فعلى سبيل المثال: "لا يمكن أن تقبل أفكار زيد من الناس في السياسة جدّيًا لأنه فاشل، حتى أنه لا يجد وظيفةً!". ولكن عجز زيد عن إيجاد وظيفة لا يرتبط منطقيًا بما يطرحه من دعوى سياسية.

      تطرح هذه المغالطة في شكلين: القدح الشخصي (السب) abusive، والتعريض بالظروف الشخصية. ففي القدح الشخصي فإنه يهاجم المناظر شخصية خصمه أو يهينه في محاولة لإسقاطه من أعين الجمهور. وينتشر هذا التكتيك في السياسة. وقد ينجح باستمالة رأي الجمهور نفسيًا، إلا أنه أسلوب مغالط منطقيًا لأن شخصية الخصم (أو انتقاص هذه الشخصية) لا تتعلّق منطقيًا بصواب حججه. حتى إن كانت انتقادات الخصم السلبية تجاه خصمه صحيحة (كأن يكون متهربًا من الخدمة العسكرية أو كان سجينًا سابقًا) فإن ذلك لا يؤثّر في موقفه الذي يتبناه.

      ومن أوضح أشكال مغالطة الشخصنة بالقدح الشخصي؛ التنابز بالألقاب البذيئة. ويلجأ الأطفال أحيانًا إلى هذا السلوك عندما يحتدم الخلاف بينهم. ولكن مع تقدّمنا بالسن يفترض بنا أن نتحلّى بالعقلانية، ونتعلّم طرح الحجج اعتمادًا على الاستدلال المنطقي. ولكن بسبب غياب الحجج المنطقية المقبولة التي تدعم نظرية التطوّر يلجأ أنصار التطور إلى مغالطة الشخصنة بالسب ...

يذكرنا هذا التصرف غير الناضج بأن النظرة التطورية للعالم مفلسة للغاية فكريًا.

      تحدُث مغالطة الشخصنة بالتعريض بالظروف الشخصية عندما يرفض الخصم حجج خصمه ببساطة اعتمادًا على الظروف الشخصية لمحاوره. افترض أن سوسي طرحت فكرة وجوب زيادة الضرائب على البنزين، فجاء خصمها بوبي محاولًا إبطال هذا الطرح بالإشارة إلى أن عمل سوسي مدعوم بمال الضرائب، ولهذا فلديها دافع قوي لطلب رفع الضرائب. يستنتج بوبي أن فكرة سوسي خاطئة بسبب انحياز سوسي للفكرة. وقد ارتكب بوبي مغالطة الشخصنة بالتعريض بالظروف الشخصية؛ فمجرد وجود دافع قوي عند سوسي للدفاع عن موقف معين لا يعني أن حجتها خاطئة ...

      ليست كل إحالة إلى شخصية المحاور بالضرورة سقوطًا في مغالطات الشخصنة. فعلى سبيل المثال، فإن قام شخص ما بتقرير أمر ما (ليس حجة، وإنما مجرد تقرير) وأمكننا تبيين عدم تمتع هذا الشخص بالنزاهة عادة، فبالتأكيد يغدو الأمر مناسبًا تمامًا وذا صلة، لأن الإشارة إلى عدم نزاهته تشكّك في مصداقيته في دعواه. لكن حتى هذا التشكيك لا يبطل تقرير الخصم لاحتمال أن يخبر شخص غير نزيه عادة بالحقيقة أحيانًا. وبالإضافة إلى أنه إذا قدّم أحد ما حجة فليس لعدم نزاهته المدعاة أي صلة بصلاحية تلك الحجة (الحجة تختلف عن التقرير المجرد). الفكرة الأساسية هنا أن نتذكّر أن الحجة يجب أن تناقش بخصائصها الذاتية، وليس بالعيوب المدعاة في شخص مقدّمها أو ظروفه الشخصية.


 

A pocket Guide to Logic & Faith (39 – 41).

للدكتور جاسنو ليزلي – عالم الفيزياء الفضائية الأمريكي -.