title3

 banner3333

 

أن وجود الرب أظهر من كلِّ شيء

بسم الله الرحمن الرحيم

[من الأدلة على وحدانية الله: أن وجود الرب أظهر من كلِّ شيء]

   

ومن أعظم البراهينِ على وحدانيةِ الله ووجوبِ وجوده:

     ما دعت إليه الرسلُ ـ صلواتُ الله وسلامه عليهم ـ أُمَمهم، ونبَّهتهُم على البراهينِ العقلية على ذلك، وأخبروهم  خبراً معلنين به ومتفقين عليه: أن وجود الرب أظهرُ من  كل شيء، وأجلى وأوضحُ من كل شيء، وأعلى من  كل شيء، وأنه لا يمكن أن يعترض ذلك شكٌّ ولا ريب بوجه من الوجوه، ولهذا قالت رسلهم جميعاً: {{أَفِي اللَّهِ شَكٌّ}} [إبراهيم: 10] .

      وهذا استفهامٌ وإنكارٌ عظيم على من يشك أو يمتري بالله، وبيان أنه متقرر في عقول الخلق وفطرهم:  أن وجودَ الله ووحدانيتَه أظهرُ الأشياء وأجلاها، وأن من شكَّ في ذلك فهو مباهِتٌ مكابِرٌ، غيرُ مبالٍ بمخالفة العقل والدين. فإن جميعَ الأشياء وجودَها وبقاءَها وحفظَها وحصولَ جميع كمالاتها ـ بالله تعالى؛ فهو الأولُ الذي ليس قبله شيء، وهو الذي أوجد كلَّ شيء، ولهذا قالوا: {{أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ}} [إبراهيم: 10] .فالذي خلق السمواتِ والأرض ـ العالمَ العلوي والعالم السفلي ، بما فيها من المخلوقات، أوجدها من العدم، وأبدعها وأتقن صنعها؛ لا ينكره إلا من جُنَّت عقولهم، وانقلبت قلوبهم، وفسدت فطرهم، واختلفت آراؤهم.

      وأكثرُ أعداء الرسل: مشركون معترفون بالرب وتفرده بالخلق، وذلك كقوم نوح وهود وصالح وغيرهم، ومنهم ملاحدةٌ معطلون كفرعون؛ إذ قال: {{وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ}} [الشعراء: 23] ، على وجه الإنكار، وقال: {{يَاأَيُّهَا الْمَلأَُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي}} [القصص: 38] .

     وجميع الرسل ذكَّروا أممهم المكذِّبين، واحتجوا عليهم بخلق الربِّ للمخلوقات كلِّها، وأنه ربُّ العالمين، وربُّ الأولين والآخرين، وذكّروهم بكثرة النعم من الله عليهم، وكل رسول يقول لقومه: {{اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}} [المؤمنون: 23] .

فاحتجوا عليهم وبرهنوا على ذلك بأنه الربُّ الخالق المدبر، المنعم بالنعم كلِّها، وأن من كان هذا وصفَه فهو المستحق لإخلاص العبادة له، ولكثرة ذكره وشكره وحمده والثناء عليه. وهذه كلُّها براهينُ عقلية لا ينكرها إلا من نبذ العقل والدين.

 

(البراهين العقلية على وحدانية الرب ووجوه كماله 45 - 47، للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي).