title3

 banner3333

 

من الأدلة على وحداينة الله: صدق الرسل ووجوب توقيرهم وتقديم أقوالهم

بسم الله الرحمن الرحيم

[من الأدلة على وحداينة الله: صدق الرسل ووجوب توقيرهم وتقديم أقوالهم]

     ومن براهين وحدانيته وكماله وتوحده بالعظمة والكمال: أنه قد ثبت بالبراهين والآيات المتنوعة ـ التي لا يمكن إحصاؤها؛ لا إحصاء أنواعها، ولا أفرادها ـ صدقُ الرسل، وأن ما جاؤوا به هو الحق، وخصوصاً إمامُهم وسيدهم محمد صلّى الله عليه وسلّم.

     وأنه يجب على الخلق أن يعرفوا قَدْر الأنبياءِ، وتميزَهم عن أصناف الخلق بكل أوصاف الفضائل، وأن الإيمان بهم ومحبتهم وتوقيرهم وتبجيلهم من أفرض الفرائض وأوجب الواجبات. وأنه يجب أن يكون لهم في قلوب العباد من العظمة والخضوع لما جاؤوا به ما يضمحِلُّ معه جميعُ المقالات، وأن لا تعارض أقوالهم بمعقولاتٍ أو قياساتٍ أو ذوقياتٍ، أو غيرها مما ينتمي إليه أهل الباطل، بل أقوال الرسل لا يتم للعبد إيمانٌ ولا إسلام حتى يجعلها هي الأصلَ الأصيلَ، والأساسَ الذي يُردُّ إليه كل شيء.

     وقد عُلِم أن زبدةَ دعوتِهم وأساسها: الدعوة إلى توحيد الله ومعرفته، وإلى عبوديته وإخلاص العمل له، وقد قامت البراهينُ التي لا تعارض ولا تمانع على صدقهم، وصحة ما جاؤوا به. فتعيَّن على كل مكلَّف ـ له دين أو عقل ـ أن يعترفَ بما جاؤوا به بغير قيد ولا شرط، لأن الأصلَ صحيحٌ، والأساسَ ثابتٌ ثبوتاً يقينياً، والمعارضات كلها باطلة؛ لأن ما عارض الحق فهو باطل، {{فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ}} [يونس: 32] .

     فمن خَضَع لمعقولاتِ المتحذلقين، أو نظريات المبطلين، وقدمها على ما جاءت به الرسل؛ فقد برهن على نقصان عقله، بل فقده لدينه.

     هذا كلُّه مع التنزُّل على فرض وجود معقولاتٍ تناقض ما جاءت به الرسل!؛ فكيف والمعقولاتُ الصحيحة تؤيد ما جاءت به الرسل، وهي من أكبر الشواهد على صدقهم، وإنما تقع المعارضة بين معقولات أناس سفهاء الأحلام، متكبرين بمعلوماتهم وآرائهم الضئيلة، والله المستعان.

(البراهين العقلية على وحدانية الرب ووجوه كماله 62 - 63 للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي).