title3

 banner3333

 

أن ما جاء به الرسل فهو الحق النافع، فما خالفه فهو باطل

بسم الله الرحمن الرحيم

[من الأدلة على وحدانية الله: أن ما جاء به الرسل فهو الحق النافع، فما خالفه فهو باطل]

     ومن البراهين العقلية على وحدانية الله وصدق رسله:

     أن الرسلَ كلهم ـ وخصوصاً إمامهم خاتمُهم محمدٌ صلّى الله عليه وسلّم ـ قد جاؤوا بالحق النافع، فأخبارهم كلُّها حق وصدق، وأحكامهم كلُّها حق وعدل وحكمة، فلم يبق حق إلا جاؤوا به وبيَّنوه وحثُّوا الخلق عليه، ولا باطل إلا وضَّحوه وحذَّروا الخلق عنه.

وهذا الأصل متفَقٌ عليه بين جميع المعترفين  بالنبواتِ اعترافاً صحيحاً؛ فمن ادعى عقلاً ومعقولاً يناقض  هذا الأصلَ الذي جاءت به الرسلُ عرفنا يقيناً أن معقوله  فاسد، وأن دعواه باطلة؛ فإن العقل الصحيح لا يخالف الحق الصريح.

     ومما يوضح هذا ويؤيده: أن الحق الذي جاءت به الرسلُ ـ خبراً وحكماً ـ حقٌّ واضحٌ معلومٌ معصومٌ؛ لا ينقسم إلى محمودٍ ومذمومٍ؛ بل كلُّه حقٌّ محمود، وأما ما ادَّعاه المخالفون للرسل من المعقولات؛ فإنهم يعتمدون على المعقولات التي تنقسم إلى حق وباطل، ومحمود ومذموم باتفاق العقلاء.

     وأهلها مع ذلك متباينون تبايناً عظيماً؛ كلُّ طائفة لها معقولات تنصرها وتقدح في معقولات غيرهم، وهم في خبطٍ وخلطٍ، وخلاف لا ينضبط، قال تعالى: {{بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ}} [ق: 5] .

     فهل اتباع هؤلاء الضالين الجاهلين المتخبطين؛ أولى من اتباع رسل الله الذين هم أعلم الخلق، وأهدى  الخلق، وأصدق الخلق، وأفضل الخلق، وأعلاهم في كل صفة كمال؟

     وقد سلموا من كل نقص وعيب وعثرة، وقد عصموا في أقوالهم وأفعالهم، وقد أنزلت عليهم الكتب العظيمة من الرب العظيم؛ التي هي مادة الهدى ومنبع الرحمة والخير والرشد والنور، وأصل السعادة والفلاح؟

     وقد نوَّع الله البراهين الدالة على صدقهم، وصحة ما جاؤوا به، وأنه الحق وما سواه ضلال، وأنه نور ورحمة وخير، وما سواه ظلمات وشرور وفساد: {{فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ}{وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ *يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ  يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}} [الجاثية: 6 ـ 8] .

     أما والله لقد وضحت السبل للسالكين، وظهرت براهينُ الحق وآياتُه للموقنين، وبان الهدى والنور اليقين للمستبصرين، وقامت الحجة على المعاندين.

     ولهذا كان جميع الأشقياء المخالفون للرسل يعترفون بأنهم خالفوا الرسل وخالفوا العقل، فقالوا: {{لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ}{فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لأَِصْحَابِ السَّعِيرِ}} [الملك: 10، 11].

 

(البراهين العقلية على وحدانية الرب ووجوه كماله 68 - 70 للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي).